ذاكرة الزمن البعيد

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

 

الكاتب - عوض أحمد محمد الثقفي 


 

 

عَبرتُ بذاكرتي مسافات الزمن البعيد ودلفت في أعماق السنين الماضيات وشدني الفضول للمسير إلى قرية الأجداد لأستروح ماضيها.. وأتأمل حاضرها، فاقتحمت أزقتها ودروبها فبدت البيوت متهالكة وسراديبها موحشة وطرقاتها غارقة في السكون.

سألت عتباتها؟ أين من بنى جدرانك وهز أركانك؟

فلا مجيب.. فكان صمتهاجواباً.. وكان عبرة.

غاصت أقدامي بين أحجارها المتناثرة في ساحاتها وفي سبلها، أحجار جاثمة بعضها فوق بعض تحتضن أسراراً وأحزانا.. وعلى جدرانها كتبت ألف حكاية وحكاية.

أبحرت ذاكرتي في بحور الليالي الفانية فتكسرت مشاعري حينما رأيت أجساماً وأشباحاً قد تحولوا إلى هياكل عظمية.

تذكرت جلوسهم القرفصاء في ساحة القرية أو في فناء المسجد وفوق الصفاء الجاثم أمام المسجد، وهم يمضغون بأفواههم كلمات الفكاهة والسخرية.

يغسلون همومهم وأحزانهم بابتسامة ساخرة.. وضحكات متعالية، وقلوبهم أصفى من دموع العين.

فعندما تاهت ذاكرتي في سراديب الزمن تسربلت مشاعري بثوب الحزن عندما لمحت قصراً يعانق الغيم في السماء، يرقب عودة غائب منذ مئات السنين أو هارب من وحشة القبور المظلمة في الليل البهيم.

عبرت أجسادهم سكة الماضي وبقيت آثارهم تئن وتتوجع من صروف الدهر.. وبقي الألم، وفي وهج الذكريات وصمت المكان شنفت بأذاني.. صياح الديكة ورغاء البعير وثغاء البهم..

 وعلقت بأنفي رائحة الدمن وبقايا.. ألم.

فأوقدت في الأعماق حرارة حزن 

فاندفعت من المآقي دموع العين، وأخذت أبحث في كومة الأيام عن بقايا ذاكرة، فلم أجد سوى بقايا أثر ممزق.


ابراهيم الحكمي ابراهيم الحكمي
مدير الدعم الفني

0  140 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة