الرماد والحدود ..الكاتب / طارق محمود نواب

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

الرماد والحدود ..


لكل منا ثماره المعطوبة وجِراره المشروخة، ونقائصه المعروفة، وعيوب معلومة لكن علينا وسط ذلك أن نعمل على معالجة ثمارنا، وإصلاح ومداواة شروخنا ونقائصنا والعمل على تقويم عيوبنا. وذلك حتى يعود ذلك بالإيجاب لمصلحة الأسرة ورحمة لمجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا.
وعلى الرغم من أننا جميعاً على علم تام بذلك... إلا أنك تجد من حولك من يسعى ليشعرك بالإستياء الدائم من نفسك، ومن يواصل وصفك بالمخطئ دائما دون تقديم أي نصيحة صائبة وهو يبرع في تجاهل احتياجاتك لدرجة يلتحق بها إلى موسوعة غينيس، وفي الوقت ذاته يستمر في انتهاك حدودك، ويغار من انجازاتك ويبرع في لعبه لدور الضحية متلاعباً بك ليصل في النهاية لأغراضه ومأربه التي كان يسعى لها في الأساس. وهناك من لا يعلم قدر نفسه وسقف تطلعاته، فيتطاول على قامات ويقذف الحجارة على علامات، لكن ليس طلباً لثمر مستطاب، بل للتمرد والنكران، والكبر والإستكبار. فيظل يضمر في قلبه حقداً لزميل، ولجار، ولرفيق وينهش في الآخرين، وينفجر دون داع غيظاً وحنقاً وتحقيراً وإهانة، وليس مجرد نقداً نزيها موضوعياً مجرداً بغرض الإصلاح لا التجريح. فتجده إذا اكتال على الناس استوفى حقه وحين اجتاح على حقوق غيره نهب منها ما ليس له فيه أي حق وفوق كل ذلك هو لا يكترث لضحاياه ولا يراعي أي آثار سلبية تتركها أفعاله. بل  ينتقص من قيمة الآخرين، ويتجاهل مساهماتهم وإنجازاتهم، ويسعى جاهداً لإظهار نفسه بأفضل طريقة ممكنة دون النظر إلى الآخرين.
ومنهم من يتحدثون كثيرا، ولكن لا يعملون إلا قليلا، فبينما يُظهرون انشغالهم وتسلقهم السلم وهم صغار، لا يعملون على إخفاء أنفسهم ويتواضعون وهم كبار حتى يظهر غيرهم... بل إنهم يقومون بالإستبداد والإستحواذ على زمام الأمور حتى القبور. ويستبدون معه سيل من التطلعات والرغبات عكس تماماً ما يتوافق مع إمكاناتهم، فيسوقهم ذلك في النهاية إلى طرق ملتوية للعمل على تحقيقها. ومع ذلك تراهم كثيري الشكوى والتبرم على الرغم مما يمتلكون.
وهناك من الناس من يطوف حول ذاته العلمية والبحثية والدراسية، ويريد ممن حوله الطواف حوله والتمجيد فيه طوعاً كان أو كرها حتى تكتمل الصورة. رغبة منهم في نسخاً مكررة، وخصوصاً في بعض الجوانب مثل العلم والبحث والدرس فيتم قتل الحماسة والإستقلالية والتفرد والتميز البحثي.
وهناك من يطلق عليهم أصحاب مواقف "اللامواقف"، حيث تظهر وظيفتهم في إجادة الأكاذيب وزخرفتها، والعمل على الطعن في الثوابت. وفي أي حال لا يعترف بعيوبه ولا يراها أبدا، جاهزا لتبرير أخطائه بل ويعمل على إخفاءها ونكرانها كذباً وبهتانا.
لذا ما يجب أن نتذكره أننا جميعاً جزء من عالم واحد ولدينا ثمار وجرار واقعة وعيوب واضحة. ولكن الحل يكمن في قبول هذه الثمار والعمل على تحسينها وإصلاحها. فلكل منا دوراً محدداً وطريقاً ميسراً في الحياة فليعمل العاملون غير مبالين بمن يضع العراقيل، أو ينشأ السدود، ويخط لهم من الرماد حدود. ولذلك ينبغي اقتران ما نتحدث من أقوال بالأفعال للحفاظ على المكتسبات، وإصلاح ورأب التصدعات. وذلك مع مداومة النصح والتناصح والنقد البناء، وبث الإرادة الحاسمة لإصلاح العيوب، وإكمال النقائص دون عجز أو يأس أو استسلام للعراقيل. وتفعيل وضع النظام الجاد ووضع الأهداف والعمل على مراقبتها بدقة.
فعلينا الاعتراف بأنفسنا وبعدم مثاليتنا ووضع ذلك جنباً إلى جنب مع حاجتنا إلى التطوير المستمر والتحسين. كما علينا أن نتذكر أن الإستقامة شأن شخصي ويتعلق بأنفسنا فقط. فلا يجب أن نسمح لمحيطنا بتقديم نقد دون النقد البناء والتسبب في انحرافنا عن مسارنا الصحيح، والإهتمام بأنفسنا والعمل على تحقيق أهدافنا الشخصية وتطوير إمكاناتنا. فقط عندما نستطيع إصلاح أنفسنا، يمكننا أن نكون قادرين على إحداث تغيير إيجابي في حياتنا وحياة الآخرين، فجميعا لدينا ثمارنا معطوبة
يجب العمل على اصلاحها الآن من أجل مستقبل مشرق.


الكاتب / طارق محمود نواب


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

0  266 0

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة