الفرص الضائعة في الصناعة

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

الكاتب / أ.د محمد بصنوي

 

بالتأكيد أن استيراد أي سلعة من الخارج، من الممكن أن تنتج محليًا، بمثابة فرصة ضائعة على الإقتصاد الوطني، حتى إذا كانت معتمدة على مكونات مستوردة، خاصة أن تصنيع هذه السلعة داخل البلاد من شأنه أن يُوفر الكثير من فرص العمل، وسد حاجة السوق من هذا المنتج، ويُوفر أيضًا العملة الأجنبية المستخدمة في استيراد هذا المنتج، خلاف المساهمة في زيادة الناتج القومي.

 

ما ذكره سابقًا ينطبق على الكثير من السلع والمنتجات، ونخص من هذه المنتجات في هذا المقال مستحضرات التجميل التي تهم كل سيدة على هذا الكوكب، وبالأخص المرأة السعودية، فقد وصل حجم إنفاق السعوديات على جميع أنواع مستحضرات التجميل 1.5 مليار دولار سنويا، وكشفت احدى الدراسات أن السعوديات أكثر النساء إنفاقاً على مستحضرات التجميل، حيث بلغ متوسط الانفاق 909 دولارات، ما يعادل 3417 ريالا سنويا على المكياج، بينما يقدر متوسط قيمة مشتريات المرأة عالميًا من مستحضرات التجميل بنحو 334 دولارا، فيما تحمل حقيبة زينة المرأة السعودية نحو 22 منتج تجميل، لا تستخدم منها بشكل منتظم سوى 7 فقط، وتحدثت الدراسة أن المرأة السعودية تشتري 33% من مستحضرات التجميل أثناء فترة الخصومات، بينما تحرص 50% منهن على شرائها كلما شعرت برغبة في التسوق، ويعتمد اختيار المستحضر لدى 63% منهن على نوع العلامة التجارية، في حين يعد السعر أمرا حاسما بالنسبة لـ58%، وتتحكم المحفزات وتوصيات المؤثرين في قرار 21%، ويستجيب 13% منهن لنصائح الصديقات، وفقًا لدراسة بولندية نشرت في جريدة "عكاظ". 

 

 هوس المرأة بشراء مستحضرات التجميل بشكل دوري وبأموال باهظة لا يتعلق فقط بالمرأة السعودية، رغم أنها في المرتبة المتقدمة عالميًا، ولكنه يمتد إلى كافة نساء العالم، فالمرأة في دول الخليج تنفق نحو 7 مليارات دولارات سنويا، وهي الأعلى في العالم، وعلى مستوى العالم العربي فقد أشارت دراسة لشركة الأبحاث "يورو مونيتور إنترناشيونال" إلى أن سوق مستحضرات التجميل تضاعف في العالم العربي بنسبة 300 % في3 سنوات فقط، وتعد سوق مستحضرات التجميل من الأسواق الأنشط عالميا، فقد بلغت قيمتها عام 2017 نحو 500 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى نحو 800 مليار دولار حلال العام الحالي2023 وفقًا للبي بي سي.

 

لست ضد شراء المرأة مستحضرات لتجميل على الإطلاق، حتى لا يُفهم كلامي أنه انتقاد للمرأة، ولكن أتحدث هنا من جانب آخر تمامًا، يتعلق باستغلال الفرص الضائعة في هذا القطاع، الذي ما أحسن استثماره، لعاد الأمر بعائد جيد على البلاد، خاصة إذا كان الإنتاج ليس مخصصًا فقط للإستهلاك المحلي بل للاستهلاك الخليجي والعربي والإقليمي والعالمي، وهذا أمرًا ليس صعبًا وليس مستحيلاً، وليس في حاجة إلى تكنولوجيا معقدة، فهناك الكثير من الوصفات المتعارف عليها من الممكن تطويرها من خلال الإستعانة بالخبرات المتخصصة في هذا المجال، كما أن هناك بعض الوصفات التراثية، من الممكن اعدادها مع إضفاء عليها الطابع العصري، وتغليفها بشكل جيد، واطلاق عليها اسم تجاري رائج مثل غيرها من المنتجات، ولكن لكي ننجح في اعداد صناعة قوية في هذا القطاع، من الضروري دراسة السوق بشكل جيد، ومعرفة ذوق المستهلك ووضع خطة شاملة جامعة مانعة، للتوسع في هذا القطاع على المدى المتوسط والقريب والبعيد، فلا يوجد شيئًا من الممكن أن يتحقق ما بين يومًا وليلة.    

 

ولكن الأهم في هذه الصناعة هو صناعة براند محلي قوي وتسويقه بشكل جيد، حتى يرسخ البراند في عقل كل سيدة، فمثل هذه المنتجات قد تشتريها السيدة لمجرد تكرار الإعلان على التلفاز أكثر من مرة، لتجربته، فإذا كان مناسبًا فسيكون منتجًا دائمًا، ومن الضروري تحقيق المعادلة الصعبة التي تتمثل في الجودة مع السعر المنافس، ومن ثم فلن تجد حليفًا لك سوى النجاح، والإنتشار، بصورة كبيرة وواسعة النطاق.

 

 واخيرًا وليس آخر، فما أريده من هذا المقال وغيره من المقالات المماثلة، أن ننجح في اعداد صناعة واعدة في كافة المجالات مهما كانت، لأن الصناعة وحدها هي القادرة على تنويع مصادر الدخل ، وتحقيق التقدم المنشود، وهذا لن يحدث إلا من خلال استغلال كافة الفرص الإستثمارية الواعدة، حتى لا تكون هناك فرص ضائعة على البلاد.

 

 

 


ابراهيم الحكمي ابراهيم الحكمي
مدير الدعم الفني

0  219 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة