هل المرأة تنهض بالمرأة؛ أو الإنسان يُعنى بالإنسان؟

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

هل المرأة تنهض بالمرأة؛ أو الإنسان يُعنى بالإنسان؟

شبكة نادي الصحافة السعودي.
أروى الزهراني- جدة

تتبارك القضية بفعل الناهضين بها، 

وتتراجع بل وتستحيل بقعة ملطخة في وجوه أصحابها بحق، رغم فضيلتها، 

وكذلك بفعل الناعقين بها ممن لا يشكل لهم الأمر حاجة بل مصلحة..

يشكل المرء منا بكل  ما يحويه من مبادئ، وميول، وسمات، وتوجهات فرقًا شاسعًا ومختلفًا

في سمات أي قضية ينادي بها ويحوّلها لشيءٍ على مرأى من الجميع في كل الأصعدة،

وعلى قدر نزاهة المرء ونُبله تكون القضية، بصرف النظر عن فحوى القضية، وإن كان فحواها نقيًا وَخالصًا .

في الآونة الأخيرة، أصبحت المنصات الافتراضية، منابرًا للقضايا والثورات، وأضحى أيًا كان صاحب قضية، 

والمشاركة باتت ممكنة من الجميع بكل أريحية وَسلاسة، للحد الذي يمكن أن نعتبره إيجابيًا بشكل محدود

ولكن باشتراطات معينة، بدونها يكون الوضع سيء جدًا وملوث..

كل قضية تتصعّد لتحظى باهتمام عالي الصيت والصورة، فتصبح قضية رأي عام عربي وأجنبي أحيانًا، 

عوضًا عن مجرد مشكلة مجتمعية أو فردية، وهذا الأمر محمود لحدٍ ما، ولكن له تبعاته الغير محمودة أحيانًا،

وليست هذه الزاوية التي أريد التطرق لها ، إنما الكيفية التي تُدار بها هذه القضايا من قِبل الشخوص،

وفِكر هذه الشخوص بعيدًا عن القضية ..

من مدة ليست قصيرة، والقضايا تتكاثر ومطالب المجتمع تتنامى،
وكلما ظهرت قضية على السطح، ظهرت معها الفِرَقْ،
بحيث يصبح المجتمع حزبين نقيضين في الرأي والتوجهات،
مما يجعل أصحاب القضية الأساسيون والمستحقون للنظر في أمرهم مُغيبون تمامًا، 
وتتوارى مشاهد احتياجاتهم بعيدًا عن المكان،
فلا نعد نرى سوى السجال والذي أصنفه من وجهة نظري المحايدة،
بأنه سجالًا مشوهًا بنوايا مشوهة، أي أنه سجال غير نظيف!

يتغيب الدور الأهم للقضية وفضّ عقدتها وطرح الحلول لها،
ويتضخم ما يُعرَف بالفبركة والمراوغات والانتهازات والانتهاكات، بين فريقين متخالفين بغير رُقي، 
يسعى كُلٌ منهم لإثبات وجهة نظره التي هي نابعة من توجهاته وميوله وقناعاته فقط، بصرف النظر عن القضية والمحتاجين والفضيلة في مسألة أن يخدم المرء الآخر حتى وإن كان ذلك على حساب ميوله ووجهة نظره!
تتم شخصنة القضايا، فيصبح للقضية وجهان، يتقنّعان بالقضية،
بَيد أن القضية الحقيقية هُنا هي " هُم" ولو أردنا التخصيص قليلًا في مظاهر هذا السجال، لوجدنا أن القضايا الأخيرة التي تختص بالمرأة بدءًا من البطالة، والزواج، والقيادة، والعنف، والفقر .. الخ،
يغلب على الفِرق التي تتولى أمرها: الترف!
سواءً كانت مع مضمون المطالب والقضية' أو ضد'
بشكلٍ نادر نشهد المتضررات بحق في هذه الأماكن،
وهذا لا يُقصَد به أنه ما من متضررات، بل القصد منه، أنهن بعيدات جدًا وبائسات جدًا ومُغيّبات جدًا ..
بينما يتقاذفهن الجميع مثل الكُرة في ملعب لا يعنيه سوى الفوز أيًا كانت الطريقة وعلى حساب من ..

يؤسفني أن المرأة في المجتمع، أضحت قضية، لمن لا قضية له ولا مطلب،
يضرني كامرأة أن أكون مِشعلًا لمن تستعبده توجهاته فينطلق باسمي نحو غايته التي يرى أنها في صالحي ويضيء بفكرته عني كل مكان ويُلبِس مطالبي قناعاته فتظهر للاخرين أنها قناعاتي ولستُ في شيءٍ ولا مني شيء في كل مكان!

إن غالبية المعارضين للقضايا والواقفين معها على حدٍ سواء،
أنانيون، مستعبَدون من توجهاتهم، مُجبولون على السباق للنهوض بقناعاتهم وليس بالإنسان، 

أما ما رحم ربي من الفُضلاء، فلا نجدهم في الساحات الافتراضية،
إنما نجد أيديهم في خضم القضية،
وخطواتهم تشهد بسباقهم لانتشال المرء من حاجته أيًا كانت،
لا نسمع لهم رأيًا ولا نعيقًا ولا نقرة،
نرى دلالات فضيلتهم في حال المرأة، وملامح المحتاج، وَبيئة المُتعسّف والمتضرر..

إن القضية الفاضلة تفقد مصداقيتها فور أن تتحول إلى انقلاب ينهض به أفراد ويُدينه عليهم أفراد، فتصبح المصلحة الفردية النابعة من توجهات فردية بحتة، هي المُحرّك والغاية، عوضًا عن المصلحة العامة المجتمعية،
وعوضًا عن فضيلة المساندة بعيدًا عن الشخصنة،

مما جعل صورة أصحاب القضايا بحق، مشوهة، في نظر المجتمع الذي يطمح للمساعدة، بينما طفحت السلوكيات الفردية المُشينة المـشككة لمصداقية مثل هذه القضايا!

تأطرت مطالب أي امرأة هُنا، بانطباع مجتمعيّ يغلب عليه السوء،
وتم تحجيم حاجيات كثيرة بسبب نوايا مُسبَقة مُشينة،
 تم الاعلان عنها باسم امرأة مُحتاجة بحق وتستحق بحق..

تموضعت وجهات نظر كثيرة، في موضع مُخالف للإنسانية والرحمة،
بسبب التوجهات التي سبقت المبادئ، حول أحقية المرأة، وكونها جزء أساس في هذا المجتمع،
فأصبح أي مُعارض لفكرة معينة تخص المرأة من وجهة نظره التي لا تسيّرها توجهات معينة، متدعشن، متخلف، عديم الانسانية،
بسبب أولئك الناعقين بسوء عن المرأة، وبجهل وتخلف كالفريق المخالف الذي يُنادي بها تِباعًا لفِكر في رأسه لا يُعنى بالمرأة بل بما يتعدى ذلك في ذاته ..


من غير المنصف أن يتم تقزيم احتياجات أي انسان، مهما كانت،
ومن المجحف بحق المجتمع أن يكون هؤلاء الشرذمة التي تترأس مواقع التواصل الاجتماعي واجهة تعكس مجتمعًا كاملًا بفِكره وفضيلته ووعيه وتحمل رايات القضايا من ترف، وتتحدث عنها من فِكر يخصها وحدها ثم يُعمم!

أصبح من المستحيل النظر لأي قضية جديّة مطروحة، بحيادية!
لا بد وأن يميل الفِكر مع فرقةٍ ما،
مهما بلغنا من تعقل فلا بد أن ننحاز لوجهة نظر،
وهذا بسبب الإلحاح الشديد في السجال الوضيع، 
الذي يجاهد لاثبات فكرته بكل ما يملك من حجج وبراهين ورسائل إقناعية،
فيصبح الواحد منا في ريبة وانتباه لهذا السجال، بينما أصحابها الحقيقين لا وجود لهم ولا انتباه معهم !

أعرف كمّ البؤس واليأس كامرأة، لها احتياجاتها التي تم استغلالها،
وشخصنتها حد أن فقدت الإيمان بكل من يدّعي أن المرأة تعنيه،
لا سيما أولئك الذين لا نجدهم سوى بشكلٍ افتراضي،
بكل سلوكياتهم..

لا أحد سيمنح قضايانا الثقة، مادام أصحاب التوجهات يُشخصنونها،
كما أن مكان النضال لقضايانا مهزوز وتحفّه المفارقات،

نجحت قضايا كثيرة في التخلص من عبء كونها قضية،
وحصد الكثرة ثمرة الانتباه لاحتياجاته وإشباعها،

لكن مازلت لا أدرِ، لم حين تكون القضية امرأة، 
تكون الغاية فرضيات وقناعات وتوجهات لا تعنيني كامرأة محتاجة بشدة !
لمَ يصبح لحاجتي قناع لا يشبهني،
ويصبح لمطالبي فلسفات لا أؤمن بها وتتسيد المنصات عوضًا عني ؟

لماذا يتم عرض الحجج لكل شيء عدا حجتي ؟
لمَ تتم معارضتي والوقوف بصفي وِفق فِكرهم وليس فِكري!

لماذا يتم تحجيمي كانسان وكامرأة فأشهد زوالي وتضاؤل حاجتي بينما تتنامى الصراعات باسمي وأنا غائبة! 


من منبري هذا، لا أشعر بالفخر تجاه أي شخص، يشخصن حاجتي بناءً على اعتراضه أو موافقته لي التي لا تُعنى بي بل به!

لم ينهض بقضاياي أحد ولم يقف في وجهها بمصداقية أحد،
منذ آخر قطرة حبر صادقة أَلجمتها مكانة اجتماعية كبيرة،
تستعبدها توجهاتها أيضًا..

وبناءً على ذلك، لن يجتَز أحد لعنة الشخصنة تلك ويتحرى الفضيلة بدون أي توجهات،
إلا بعدما يخرج تمامًا من دائرة ذاك السجال، ويصبح أثرًا ملموسًا يقدم الدعم تباعًا للانسانية وللفضيلة وليس لنوع الإنسان أو وجهة نظره..

- لكي نفهم غاية القضية علينا أن نبدأ بلقاء أصحابها خارج السياق الافتراضي، أولئك الذين ينادون من حاجة، وليس من ترف ونية مُبطّنة.. وبعيدًا عن فكر المعارضين لها كذلك من ترف وجهل وَوضاعة.

- ما بين المعارضين والمستنكرين والناعقين والمطالبين، لا وجود للمرأة ولا للإنسان بذاته: هي التوجهات فقط ترتدي طُلّابها.


رضوان  عبد الله رضوان عبد الله
محرر صحفي

رضوان عبد الله مدير النشر بشبكة نادي الصحافة السعودي كاتب وباحث واعلامي فلسطيني مقيم في لبنان رئيس الهيئة التنفيذية للاتحاد العام للاعلاميين العرب منذ سبتمبر الـ 2013 ========================== • اجازة بالاداب واللغة الانكليزية من الجامعة اللبنانية 1993 . • حائز على دبلوم برمجة كومبيوتر عام 1985 • حائز على دبلوم تجارة و محاسبة عام 1986 • حائز على دبلوم على المناهج الحديثة ( اللغة الانكليزية ) من وزارة التربية و التعليم اللبنانية عام 2000 • حائز على دبلوم بالثقافة البدنية / أكاديمية

0  682 1

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة