الكاتب - د - احمد الزهراني
في يوم 17.7.1446، شهدت قلوبنا حدثًا مؤلمًا لا يُنسى، فقد فقدنا روحين عزيزتين تركتا أثراً لا يمحى في حياتنا. ففي ذلك اليوم الذي جمع بين وداعين لا يحتملان، انقطعت أوصالنا عن وجود عمي صالح بن موسى الزهراني، وأبي جمعان الزهراني، ليصبح الفراق بمثابة جرح عميق في صدر الزمان.
وجع الفراق وآثاره
كان عمي صالح مثالاً للصبر والثبات، إذ واجه مرضه القاسي في المستشفى بشجاعة لا توصف، متحديًا الألم حتى آخر لحظاته. شهدنا معاناته وآلامه وكأنها ضربات متتالية على وتر حساس في داخلنا، فأصبحت ذكراه نبضًا مؤلمًا لا يفارقنا. وفي ذات السياق، رحل أبي جمعان الذي كان الملاذ والدعم الذي لا ينضب، تاركًا خلفه فراغًا شديدًا لا تستطيع الكلمات أو الأيام أن تملأه.
كلما حاولنا استرجاع أجمل الذكريات التي جمعتنا بهما، كانت الصور تقتحم صدورنا كنسيم بارد يخترق أعماق القلب، ليعيد إلينا وجع الفراق ويذكرنا بأن الزمن، رغم مروره، لا يستطيع شفاء جراحنا العميقة. إن الألم الذي نشعر به يتردد في كل لحظة، ويُعلن بأن الفراق ليس مجرد حدث زمني بل رحلة من الأحزان والحنين المستمر.
دعاء وترحم في مواجهة الألم
وفي خضم هذا الحزن الذي يخيّم على قلوبنا، نجد أنفسنا نتوجه إلى الله بكل ما أوتينا من ألم وحسرة، داعين:
“يا رب، يا معين الصابرين، ارزقنا الصبر وامنحنا القوة لنتحمل هذا الفقد الجلل. اغفر لعمي صالح بن موسى الزهراني وارحمه رحمة واسعة، واجعل مثواه الجنة حيث ينعم بالسكينة والطمأنينة. ولأبي جمعان الزهراني، اللهم اجعل مثواه الفردوس الأعلى، ولا تحرمني من شفاعتهما يوم القيامة.”
إن الدعاء أصبح ملاذنا الوحيد، ورغم محاولاتنا للتماسك، يظل الألم يتسلل إلينا في كل ذكرى وابتسامة تذكّرنا بوجودهما. تلك اللحظات المؤلمة تعيد إلى الأذهان أن الفراق ليس نهاية الرحلة، بل هو بداية مرحلة جديدة من الصبر والرجاء في رحمة الله التي لا تنضب.
ختامًا
يظل فقدان الأحبة تجربة موجعة لا تُمحى من الذاكرة، إلا أن ذكراهم تبقى منارة تهدينا في دروب الحياة المظلمة. وبينما نتعلم كيف نحتضن الحزن ونجد به قوة للإستمرار، نرجو من الله أن يسكنهما فسيح جناته وأن يخفف عنا وطأة الفراق. إن قلوبنا ما زالت تنبض بدعوات لا تنتهي، تردد فيها آهات الحزن وتنهيدات الفقد، عسى أن يكون اللقاء في دار السلام نهاية لآلآمنا وبداية لراحة لا تزول.
رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته، ونسأله أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته يوم لا ينفد فيه الصفاء والسكينة.