الحكمة في التجاهل .

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

الحكمة في التجاهل .

يعيش الإنسان في مجتمع محاط بالعديد من الغموض والتساؤلات الكثيرة التي تثير من اهتمامه وتدفعه للتفكير والبحث عن إجابات تناسبه. وفي حين ذلك، يجد بعض الأشخاص أنفسهم متورطين في الإهتمام الزائد بتلك الغوامض، بحيث يشغلون أنفسهم بها بشكل مفرط ويتوسّعون في التفكير في ما يفكر فيه الآخرون. ولذلك، يصبح من الضروري أن نتعلم كيفية تجاهل بعض هذه الأفكار والبقاء مستمتعين بالحياة بحكمة بعيداً عن الإنشغال بما يفكر فيه الأخرون . 
فالحياة ليست سهلة دوماً، ونحن فيها نواجه تحديات ومصاعب عديدة تجعلنا نتساءل عن نوايا البشر وقصاصاتهم الداخلية، لكن الحكمة هنا ليست في التساؤل عما يدور بداخلهم ، إنما الحكمة الحقيقية هي التي تكمن في القدرة على تحقيق التوازن بين الإهتمام بالآخرين دون الإنشغال الزائد بهم، وبين العناية بما يدور بداخلنا والإستمتاع بحياتنا بعيداً عن تفكير الأخرين والإهتمام بما يدور في داخلهم.
فعادةً ما ينجذب الإنسان إلى الغموض، ويظل في عملية البحث عن الإجابات والتوضيحات لأفكار ومشاعر الآخرين، وهو ما يمكن أن يأخذ به إلى مسار خاطئ وأن يزعزع استقراره النفسي. لذا، يجب أن ننبذ الإنشغال الزائد بالغير ونتعلم كيف نعيش حياتنا بحكمة وسعادة ،
وهناك طرق عديدة لتحقيق ذلك وأحد الطرق الأكثر فاعلية لذلك هو ألا نتعجل في الأحكام عندما يكون الأمر غامضاً أو ألا نهتم بإعطاء احكام من الأساس،فقد نعتقد أحياناً أننا لدينا القدرة على قراءة نوايا الأشخاص من خلال تصرفاتهم وأفعالهم، ولكن هذا قد يكون غير صحيح في الكثير من الحالات. فالبشر ذووا طباع متنوعة وأفكار مختلفة، ومن المهم جداً أن نعي أن التصرفات لا تعكس دائماً حقيقة ما ينتمي إليه الفرد. 
ويمكننا الإشارة هنا أيضاً إلى أن الإهتمام بآراء الآخرين يُعتبر من الأمور التي لا تجعلنا نستمتع بالحياة وتجعلنا دائما مشغولين في أشياء لا تفيدنا، بالإضافة إلى أنها قد تنحدر بنا إلى مسار آخر وهو الكشف عن آراء الغير، وبالطبع الإهتمام بآراء الآخرين أمراً مهماً في الحياة الإجتماعية والثقافية. إلا أن في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الإهتمام الزائد بهذه الآراء مُرهقاً ومُحبطاً. ففي بعض القضايا التي تثير اهتمامنا، تكون الحاجة الحقيقية هي الإستماع لأنفسنا واتباع ما نؤمن به وليس الكشف والتنقيب عما بداخل من حولنا .
وعلاوة على ذلك، ينبغي أن نحصن أنفسنا من تأثير الشائعات والأقاويل غير المؤكدة التي تحيط بنا، فغالباً ما ينتشر الكثير من التجارب الشخصية والأحداث المشابهة أو القصص المبالغ فيها التي تؤثر على نظرتنا للآخرين وتربكنا. ولذلك، يجب أن نقوم بتحليل الوقائع ونبحث عن المعلومات الموثوقة قبل أن نحكم على شخص ما. 
وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن نركز على أنفسنا وعلى تحقيق سعادتنا الشخصية وألا نبالي بما يقوله أو يفعله الآخرون، فنحن نعلم جميعاً أن السعادة تأتي من الداخل ولا يُعطِينا الآخرون السعادة الحقيقية. لذلك، يجب أن نستثمر وقتنا وطاقتنا في ما هو مفيد ومثير للإهتمام بالنسبة لنا . فقد يكون ذلك من خلال ممارسة الهوايات أو تحقيق الأهداف الشخصية أو الإستمتاع بالعلاقات الإجتماعية الإيجابية. 
وفي الختام ، نحن نعيش في عالم مليء بالغموض والتعقيدات، ولكن يجب ألا نسمح لهذا الواقع بتعكير صفو حياتنا، وعلينا أن نحترم تنوع البشر وتنوع عقولهم وطرق تفكيرهم، ونركز أكثر على بناء علاقات إيجابية معهم. كما علينا أن نستمتع بحياتنا بحكمة ونبتعد عن الانشغال الزائد بالغير وندرك أننا لا نستطيع فهم نوايا البشر بالكامل، وأن نحاول جاهدين إلى تحقيق التوازن بين هذه الجوانب حيث يساعدنا على العيش في سلام وسعادة.


الكاتب / طارق محمود نواب

اعلامي بشبكة نادي الصحافة


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

0  165 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة