تلاعبك بالأحداث لا يلغي حدوثها .
خلال رحلة العمر في هذه الحياة يقابلنا كثير من محطات الفرح والألم، وفي كل محطة من هذه المحطات نقابل شعور جديد ومختلف، أحياناً يكون سعيداً ومميزاً كالنجاح، أو صداقة جميلة، أو الحصول على وظيفة لائقة، وأحيانا أخرى تجبرنا اقدارنا على مواجهة ما لم نتخيل يوم أن نواجهه، فقد يأتي يوماً ما نجد أنفسنا محاطين بالمشاكل والتحديات، ونحاول بكل جهدنا تجاوزها مهما كانت الصعوبات. فقد نقتنع أحياناً بأننا عباقرة، وأن لدينا القدرة على التلاعب بالأحداث وتوجيهها بشكل يخدم مصالحنا الشخصية، ونحاول بشتى الطرق إقناع أنفسنا بأننا قادرون على إحداث تغييرات جذرية في حياتنا وجعلها أفضل حالاً مما هي عليه.
لكن مع مرور الوقت، ومع تكرار هذه المحاولات الفاشلة للتلاعب بالأحداث، نجد أنفسنا في مأزق حيث نشعر بالإحباط واليأس، وتظهر حقيقة صعوبة تحكمنا في مجريات الأمور بشكل كامل. فقد نجد أننا مهما حاولنا تغيير مسار الأحداث، فإنها تستمر في التقدم في اتجاهها الخاص، ونحن نبقى مجرد مراقبين عاجزين عن إحداث أي تعديل أو تغيير.
وفي هذه اللحظات، قد نلجأ إلى الحيل والأكاذيب الصغيرة التي تساعدنا على مواجهة الواقع. فنخدع أنفسنا بأن الأمور ستصبح أفضل في المستقبل، ونتحايل على أنفسنا بالتفكير أننا نتحكم في الوضع عن طريق إخبارها بأن كل شيء سيصبح بخير ولكن في العمق نحن نعلم جيداً أننا لسنا بخيرحيث تمضي الليالي ليلة بعد ليلة ونحاول أن نخدع أنفسنا بأننا سنستيقظ في صباح جديد مع تغييرات كبيرة في حياتنا.
ومع مرور الزمن، نكتشف بالوجع وأن هذا مجرد تلاعب بالأحداث وإنه لا يلغي حدوثها، ولا يغير من مسارها شيء. فالأحداث تتجه في اتجاهها الخاص بغض النظر عن كم من الجهد نبذل في محاولة توجيهها وكم من المحاولات التي تقوم بها، فمن الممكن أن يكون الفهم للحقيقة مؤلم للغاية، ولكنه في النهاية هو المعلم الذي يعلمنا أفضل تعليم.
فالحياة ليست بالضرورة كما نريد أو نتوقع، وقد يكون السيطرة على الأحداث أمراً صعباً أحياناً. لكن مع ذلك، يمكننا تقبل الواقع والعمل على تحسين أنفسنا وكيفية تفاعلنا مع هذه الأحداث، وذلك بتطوير القدرة على التأقلم مع التغييرات والتعامل مع المشاكل بفعالية.
لذا، بدلاً من المحاولات المميتة والجهود المبذولة في التلاعب بالأحداث المحيطة حيث يمكننا التعلم منها لأن التلاعب بالأحداث لن يغير مجرى الأمور، ولكن ما يمكننا فعله هو أن نتعامل معها بحكمة وصبر ونسعى لبناء حياة أفضل بغض النظر عن ما تقدمه الأيام من تحديات.
وبالفعل، عندما نتعلم كيف نتأقلم مع الأحداث ونتعامل معها بفهم وصبر، نجد أنه لا يمكن للمصاعب أن تمنعنا من التقدم وخلق مستقبل خالي من التحديات، فنحن نكتسب الخبرة والنضج اللازمين للتعامل مع مختلف التحديات التي تعترض طريقنا،
حيث إن محاولة تلاعبنا بالأحداث أو تجاهلها ستظل مجرد محاولات ولن تفيدنا على المدى الطويل، فالواقع لا يمكن تجاهله، والمشاكل لا يمكن تجنبها دائماً. وعلى العكس من ذلك، يجب أن نبحث عن الحلول الواقعية ونعمل على تحسين أوضاعنا وحياتنا بشكل فعّال، وجعل الصعوبات والتحديات فرصاً للنمو والتطور. فإذا تعلمنا كيف نستفيد منها ونستفاد من الدروس التي تقدمها لنا، فإننا قد نجد أنفسنا أكثر إتقاناً وقوةً لمواجهة المستقبل.
وفي النهاية، سنتأكد يوماً بعد يوم ويبين لنا الزمن دائما أن الحياة تتجه بمسارها الخاص وتقدم لنا دروسها وتحدياتها،حيث نحن من يحمل مفاتيح تحقيق سعادتنا وتحقيق أهدافنا، وذلك من خلال الثقة في قدرتنا على التأقلم مع الأحداث والنمو من خلالها، وبناء حياة مليئة بالصدق والإيجابية والتطور.
الكاتب / طارق محمود نواب