"احدث تجليات فيروس كورونا"

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

                   "سلسلة لقاح الوعي بالعشرية 5 "

"احدث تجليات فيروس كورونا"

 

تعد أزمة كورونا نقطة فاصلة في تاريخ العالم أجمع ، لما قامت به من تغيير في حياة المواطنين في مختلف دول العالم، فعلى سبيل المثال لا الحصر شهدت الفترة الأخيرة التوجه بقوة نحو التحول الرقمي في تقديم كافة الخدمات، خاصة الخدمات المالية عبر الهاتف، حرصا من الدول على منع انتشار  فيروس كورونا، بعدما أشارت منظمة الصحة العالمية من أن أوراق البنكنوت قد تكون ناقلة للفيروس، وبأن  الأفضل اعتماد وسائل الدفع الالكتروني أو "اللا تلامسية" فاتجهت الكثير من الدول إلى تبني مزيد من الإجراءات، للحد من هذه النوعية من المعاملات، في مقابل التوسع في المعاملات غير النقدية.

التوجه نحو المعاملات المالية الالكترونية في العالم لمنع انتقال فيروس كورونا كان متباينًا، فبعض الدول قامت بتعقيم الأموال لدى وصولها إلى البنوك، وبعض المتاجر والمولات رفضت الحصول على أي اموال بشكل نقدي، وقصر التعاملات على المعاملات الالكترونية، ففي أستراليا وضعت المتاجر والمولات ومحطات الوقود اللافتات التي تعلن عدم قبولها للنقد، مع زيادة الحد المسموح به للمعاملات المالية الرقمية من خلال الهاتف المحمول، دون الحاجة لإدخال رقم سري ليرتفع من 100 لـ 250 دولارا لكل معاملة، أما في الصين فقام البنك المركزي الصيني بتعقيم الأوراق النقدية قبل إتاحتها للجمهور باستخدام الأشعة فوق البنفسجية والحرارة، ثم الاحتفاظ بها لمدة 14 يوما قبل إمكان طرحها.
 
أما في بلادنا العزيزة، فلم تكن إجراءاتها نحو التوسع في التعاملات المالية الالكترونية ردة فعل لأزمة كورونا، بل كانت هناك خطة واضحة  المعالم، لرفع معدل التعاملات المالية الرقمية، والتقليل من استخدام النقد الورقي، والتحول إلى مجتمع غير نقدي، وتستهدف هذه الخطة  زيادة نسبة المدفوعات غير النقدية إلى 70% من إجمالي عمليات الدفع النقدي في اطار تنفيذ رؤية المملكة 2030 ، وبذلك  كانت المملكة سباقة في التوجه نحو  المعاملات المالية الالكترونية، ولم تفعل أزمة كورونا شيئًا من العدم، صحيح انها كانت حافزًا للتسريع من وتيرة التحول، ولكنها لم تخلق شئيًا من العدم مثلما حدث في الكثير من الدول.
 
  التحول الرقمي في الخدمات المالية لا يساهم فقط في تقليل انتشار عدوى فيروس كورونا، بل له الكثير من الفوائد الاقتصادية الناتجة منها توفير تكلفة طبع النقود، خاصة إذا علمت بأن تكلفة طباعة النقود الورقية الجديدة في عام  2020 وصل لـ 877.2 مليون دولار في الولايات المتحدة فقط، حيث  تبلغ تكلفة طباعة ورقة فئة دولار واحد 7.7 سنت، وفئة 50 دولارا تكلفة طباعتها 16.1 سنتا، بينما تكلفة طباعة الورقة النقدية فئة المئة دولار هي 19.6 سنتا، حسب منشور الفيدرالي الأميركي للعام 2020، وتقوم دول الاتحاد الأوروبي بتقسيم تكلفة الطباعة بين الدول الأعضاء، وذلك حسب نسبة الإصدار من القيمة الكلية للطباعة لكل دولة، وتعود تكلفة طباعة النقود إلى أن عملية الطباعة  في حاجة إلى مواد خاصة وعلامات تأمينية وحماية منعًا للتزوير.
 
 ليس هذا فقط ، بل يساهم التحول الرقمي  في تخفيف حدة الفقر من خلال تمكين الأفراد من الادخار، والإدارة المالية السليمة،  وانتشار التحول الرقمي في الدول، ليس له علاقة بتقدم الدولة مثلما يعتقد الكثير، فعلى سبيل المثال استخدام الهواتف الذكية في المعاملات المالية منخفضا في الولايات المتحدة الأميركية حيث لا يتجاوز  الـ10 % من عدد السكان، بينما الخدمات المالية عبر الهاتف  في كينيا عبر تطبيق "إم بيسا"، 
لكن لا تزال إفريقيا تفتقر للخدمات المالية بنسبة 66 في المئة بين البالغين، فهم بلا حسابات مصرفية، أما في دول أوروبا الغربية فقد بلغت 97 %، بينما تجاوزت 99% في كندا. بحسب تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
 
 وأخيرًا وليس آخرًا، فأن التوجه نحو المعاملات الالكترونية لم يكن نتيجة أزمة كورونا، ولكن هذه الأزمة اعطت دافعًا قويًا نحو التحول الرقمي، وهذا الأمر هام جدًا ويجب تشجيعه، لأن التحول الرقمي يلعب دورًا كبيرًا في التنمية الاقتصادية، خلاف أنه يساهم في منع أو على الاقل يقلل معدل انتشار الجرائم مثل غسيل الأموال، والفساد، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي، وخلافه، فكيف تحدث مثل هذه الجرائم إذا وصلنا إلى نسبة متقدمة في المعاملات الالكترونية المالية، فكل الاموال ستكون مرصودة من الدولة، من أين أتت، وإلى أين ذهبت؟.


 الكاتب : أ.د محمد احمد بصنوي
 
 


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

0  338 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة